أكثر من ثلاثة تونسيين من بين عشرة يعانون من مرض السمنة، وفقًا لتقديرات أطباء مختصين. السمنة لم تعد مجرّد زيادة في الوزن أو “بُنية طيّبة” كما يراها المجتمع، بل مرض مزمن صنّفته منظمة الصحة العالمية ضمن أخطر الأمراض غير المعدية، إلى جانب السكري وارتفاع ضغط الدم.
أستاذة أمراض الغدد والسكري ورئيسة القسم بالمستشفى العسكري الجامعي بصفاقس، أن نسبة السمنة في تونس تجاوزت 37%، مضيفة أن “40% من الرجال يعانون من زيادة الوزن، فيما أكثر من ثلث النساء مصابات بالسمنة الفعلية”.
“السمنة اليوم ماعادش مسألة شكل أو مظهر، راهي مرض مزمن، وأرضية خصبة لأمراض أخرى خطيرة”، تقول الدكتورة فاطمة، مشيرة إلى أن “الحديث عن شخص بصحّته لمجرد أن وزنه زائد، هو تصور خاطئ ومتجذر في ثقافتنا”.
⚠️ السمنة… أمّ الأمراض
تُعتبر السمنة، بحسب الأطباء، “أمّ الأمراض”، إذ تفتح الباب أمام أمراض القلب والشرايين، والسكري، وارتفاع الضغط، وتكيّس المبايض، وتشحم الكبد، وحتى الجلطات الدماغية.
ويرجع ذلك إلى تراكم الدهون خاصة في منطقة الخصر والبطن، حيث تحيط الأنسجة الدهنية بالأعضاء الحيوية وتؤدي إلى اختلالات هرمونية والتهابات مزمنة داخل الجسم.
📏 كيف نعرف أننا مصابون بالسمنة؟
تعتمد الدكتورة بوصِرصار على مؤشر كتلة الجسم (IMC) لتشخيص الحالة.
إذا تجاوز المؤشر 30 كغ/م² فذلك يعني وجود سمنة.
أما إذا تعدّى 40 كغ/م²، فنتحدث عن سمنة مرضيّة تستوجب تدخّلًا طبيًا عاجلًا.
كما شددت على أهمية قياس محيط الخصر، مؤكدة أن تجاوزه 88 سم للنساء و102 سم للرجال يشكل إنذارًا صحيًا خطيرًا.
🍔 الأسباب… من الوراثة إلى نمط الحياة
تتعدد أسباب السمنة بين عوامل وراثية وهرمونية مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو تأثير أدوية الكورتيزون وموانع الحمل، وأخرى سلوكية مثل قلة الحركة، والوجبات السريعة، والريجيمات القاسية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
“ما كل زيادة وزن سببها الأكل فقط… أحيانًا يكون وراءها مرض في الغدد أو خلل في الهرمونات. الطبيب هو وحده القادر على تحديد السبب الحقيقي”، توضح الدكتورة فاطمة.
🥗 بين الريجيمات والوعي الصحي
تؤكد المختصة أن الريجيمات المتطرفة أصبحت خطرًا جديدًا بحد ذاتها، إذ يلجأ إليها كثيرون دون إشراف طبي، ما يؤدي إلى اضطرابات غذائية خطيرة ونقص في الفيتامينات.
كما حذّرت من الإعلانات المضللة على الإنترنت التي تروّج لـ“أعشاب سحرية” أو “خسارة الوزن دون مجهود”، مؤكدة أنها “قد تكون قاتلة”.
🏃♀️ الوقاية تبدأ من الطفولة
توصي الطبيبة بضرورة التحرك المبكر للوقاية من السمنة لدى الأطفال، لأن “كل طفل سمين اليوم هو مريض سمنة في المستقبل”، مشددة على أهمية النشاط البدني المنتظم ونظام غذائي متوازن بعيد عن المأكولات الجاهزة والمقليات.
“الميزان ما هوش العدو… المهم كيفاش نحافظوا عليه. الجسم الصحي هو اللي يعرف التوازن بين اللي يدخل واللي يخرج من سعرات حرارية”.
🎙️ الخلاصة:
السمنة لم تعد “شكلًا زائدًا”، بل جرس إنذار صحي يدقّ في كل بيت تونسي. بين العادات الغذائية الخاطئة وضغط الحياة اليومية، تظلّ الوقاية والتثقيف الصحي السلاح الأقوى لحماية المجتمع من هذا الخطر الصامت.


