فيديوهات

قضية رحمة: من القتل الغامض إلى شبكة الفساد العميق

تحقيق خاص – بقلم والد الضحية

في قلب هذه القصة، تقف ابنتي “رحمة”، ضحية جريمة لا تزال ملابساتها غامضة، تحيط بها الشبهات من كل صوب. لم تكن الجريمة مجرد اعتداء جسدي، بل واجهة لسلسلة من القضايا الأخطر: فساد مالي، تهريب، وتغطية سياسية.

بداية الحكاية: من التوظيف إلى التورّط

لم تدخل رحمة مجال العمل عن طريق مسابقة أو صدفة. من توسط لها كانت قريبتنا، التي لم تكتفِ بإيجاد فرصة لها، بل أصبحت، كما اتضح لاحقاً، جزءاً من شبكة تتحرك في الكواليس. في إحدى المناسبات، لاحظتُ اختفاء ملفات من منزلي. رحمة، الله يرحمها، كانت قد تركتهم على مكتبي، وفيهم سيرتها الذاتية ووثائق شغلها.

هنا بدأ الشك. من أخذ تلك الوثائق؟ من اقتحم حياتنا دون إذن؟ لم نُسمّي الأسماء، لكن الأطراف معروفة. ثم جاءت الصدمة الأكبر: تم العثور على جثة رحمة في منطقة معروفة بكثرة كاميرات المراقبة — أمام بنك، صيدلية، ومؤسسات خاصة. ولكن، جميع التسجيلات… اختفت.

الكاميرات التي صمتت فجأة

عند توجهنا إلى الجهات الأمنية، قيل لنا إن كاميرا الصيدلية “ما فيها شيء”، وإن التسجيلات “ما شافت شيء”. كاميرا كاملة تُنزع وتُسلم من يد إلى يد دون أي إجراء قانوني؟ وعند وصولنا لفرقة الإجرام، أكد لي أحد الضباط أن فتاة جاءت وسلمته تسجيلين، دون أن يُعلمنا رسمياً بذلك.

وفي خضم التحقيق، برزت شخصية جديدة: امرأة تدّعي أنها صديقة لرحمة. ظلت تلاحقنا في كل مكان، حضرت التحقيقات، تبعتنا إلى المحكمة، عيناها على كل خطوة. ولكن الحقيقة أنها لم تكن صديقتها أبداً. بل، وكما بدأت أشك لاحقاً، كانت تتعقّب تحركاتنا لسبب أعمق.

منظمات، نفوذ، واختراق أمني

قبل وفاة رحمة، لاحظنا تغيّراً كبيراً في سلوكها. كانت قلقة، مشتّتة، ترغب في ترك عملها. فعلاً، كانت بصدد تقديم استقالتها نهاية الشهر. أعدّت سيرتها الذاتية، وصرّحت لي بأنها لم تعد تحتمل العمل هناك. فقد كانت “الدينامو” الحقيقي في الشركة — تعرف ما يدخل، ما يخرج، ما يُباع وما يُهرّب.

المفاجأة الكبرى: هذه الشركة، التي اشتغلت بها رحمة، استولت فجأة على مكانة شركة النقل الجوي الوطنية “تونيسار”. الأموال التي كانت موجّهة للشركة الوطنية، أصبحت تصب في خزائن الشركة الخاصة التي كانت رحمة أحد أركانها. دخلنا مبنى الشركة بعد وفاتها، فتفاجأنا بما سمعنا وشاهدنا: ملايين، شحنات، بيروهات خلف أبواب موصدة، شبكات معقّدة.

المتهم… ومن يقف وراءه؟

الجهات الرسمية اتهمت رجلاً بمقتل رحمة، لكننا تأكدنا، من خلال التسجيلات التي حصلنا عليها، أن الشخص الذي قيل لنا إنه القاتل، ليس هو الظاهر في الفيديو. الكاميرات أوضحت ملامح أخرى، سيارة أخرى، خطوات أخرى. كذلك، شُبّه لنا أن هذا الرجل سبق وأن تورّط في جريمة قتل في ليبيا… فهل هو كبش فداء؟ وهل له علاقة بالموظفة التي فرت إلى المغرب بعد الجريمة؟ ولماذا لم يُقبض عليها إلى اليوم؟

التحقيق المعلّق والقضية النائمة

الملف ظل راقداً شهوراً، رغم أن كل الخيوط واضحة: الوجوه، الأرقام، حتى العلاقات. لماذا تأخر التقدم في القضية؟ ولماذا تحرّكت فقط عندما بدأنا نحن بالضغط عبر الإعلام؟ أحد الضباط قال لي بالحرف: “أطراف كبيرة تتلاعب بالقضية. عندك تليفونك؟ إي نعم، باش يحطوه ليكوت، خاطر الأدلة كلها طارت”.

الدلافين الكبيرة: صراع النفوذ وتصفية الشهود

سُرّبت إلينا معلومات أن القضية تجاوزت حدود القتل الفردي، لتتصل بتهريب الأعضاء، وغسل الأموال، وصفقات ضخمة تمر عبر شركات الواجهة. إحدى هذه الشركات، هي بالضبط حيث كانت رحمة تعمل. شركة قيل إنها واجهة لوزير نافذ، تُستخدم لتهريب السلع، تحويل الأموال، والتغطية على جرائم أخطر بكثير من القتل.

رسالة إلى من يهمه الأمر

أنا اليوم لا أبحث فقط عن قاتل رحمة، بل عن الحقيقة كلها. أوجّه رسالتي إلى رئيس الجمهورية، إلى القضاء، إلى كل من يخاف الله والعدل في هذا البلد: افتحوا الملفات. راجعوا الكاميرات. أعيدوا التحقيق مع من تم استثناؤهم سابقاً.

مازالت عندي ثقة في القضاء، لكن القضية تستدعي الشجاعة. ليست جريمة عابرة. بل واجهة لصراع دلافين المال القذر، وشبكات الفساد، التي في لحظة ما، صفّت بنتي لتسكتها.

أقولها الآن وأكررها: رحمة لم تكن فقط ضحية جريمة، بل شاهدة مزعجة على فساد لا يُريد أحد أن يُكشف.

شاهد الفيديو كامل من هنا ( اضغط هنا )


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock